من قلب فاس وفي عيدها الوطني : فرنسا تجدد التزامها بشراكة استثنائية ومستقبل مشترك مع المغرب
هشام التواتي
في أجواء احتفالية غمرتها ألوان الجمهورية وقيمها الراسخة، احتفلت القنصلية العامة لفرنسا بالعاصمة العلمية للمملكة، يوم الإثنين 14 يوليوز 2025، بالعيد الوطني الفرنسي، حيث ألقت السيدة القنصلة العامة كلمة جامعة عكست عمق الروابط الفرنسية المغربية، ورؤية فرنسا لمستقبل مشترك يتجاوز الاحتفاء الرمزي ليصل إلى مشروع شراكة “استثنائية معززة”، على حدّ تعبيرها.
وعبّرت السيدة " كارين فويلر فيالون" عن سرورها الكبير باستضافة الحضور قائلة: “يشرفني ويسعدني أن أرحب بكم هذا المساء للاحتفال معاً بالعيد الوطني الفرنسي، هنا في فاس، هذه المدينة العريقة والمستقبلية في آنٍ معاً”. وهي كلمات لم تكن مجاملة بروتوكولية، بل مقدمة لرؤية ثقافية وسياسية تضع فاس في صميم الحضور الفرنسي بالمغرب، ليس فقط كرمز تاريخي، بل كمنصة للتجديد والتفاعل.
واعتبرت أن “فاس ليست كغيرها من المدن. إنها مكان للذاكرة، وللصلة، وللتبادل. لقد شهدت مرور أجيال من الطلبة والفنانين والدبلوماسيين والمفكرين”، مؤكدة أن الدور الثقافي والحضاري لهذه المدينة لا يزال قائماً ومتصاعداً.
وشكّلت المصالح الفرنسية في فاس محوراً مركزياً في خطابها، إذ أعلنت أن “فرنسا تمتلك منذ بداية هذا العام موقعاً جديداً في فاس، يجمع بين القنصلية العامة والمعهد الفرنسي، تحت سقف واحد”، واصفةً ذلك بأنه “أكثر من مجرد تحول إداري، بل هو تعبير عن رؤية متكاملة”.
وفي معرض تعليقها على هذه الخطوة، رأت ممثلة الجمهورية الخامسة بفاس بأن “اجتماع الخدمات القنصلية والثقافية تحت سقف واحد هو أمر عادل وعميق. فالإداري والثقافي وجهان متكاملان في خدمة الآخرين”، وأضافت: “هذا الموقع سيكون ما نصنعه منه جميعاً: ملتقى، مختبراً، فضاءً للإصغاء والتبادل، ومكاناً للإبداع”.
ولم تقتصر الكلمة على الجانب الثقافي والإداري، بل انتقلت إلى ما هو أعمق: العلاقة الثنائية. فأكدت ممثلة الدولة الفرنسية بأن “الشراكة بين فرنسا والمغرب قد تعززت بشكل ملموس خلال الزيارة الرسمية التي قام بها رئيس الجمهورية الفرنسية بدعوة من جلالة الملك محمد السادس، حيث تقرر رفع مستوى العلاقة إلى ‘شراكة استثنائية معززة’”.
وأشارت إلى أن هذه الدينامية الجديدة تشمل مجالات متعددة من التعاون، من الأمن الصحي وإنتاج اللقاحات، إلى المياه والزراعة والذكاء الاصطناعي، مروراً بالبنى التحتية، والطاقات المتجددة، والتعليم، والبحث العلمي، وصولاً إلى الرياضة وتنظيم الفعاليات الكبرى، في أفق كأس العالم 2030.
ولم تغفل القنصلة العامة توجيه الشكر للسلطات المغربية، مؤكدة: “سواء تعلق الأمر بمشاريع ثقافية، تعليمية أو قنصلية، فإن السلطات المغربية، ممثلة بالسيد الوالي وجميع المصالح الإدارية والأمنية والقضائية، كانت دوماً إلى جانبنا، بروح من التعاون والإنصات”.
كما خصّت بالشكر فريق العمل داخل القنصلية والمعهد الفرنسي، وأشادت بالجهود “غالباً ما تكون خفية ولكنها ضرورية وأساسية”، ووجهت امتناناً خاصاً لنائبيها يوهان غودان ومصطفى ملوك، على التزامهما المتواصل.
وختمت كارين فويلر كلمتها برسالة حملت أبعاداً رمزية حول مفهوم الجمهورية الفرنسية، حيث قالت: “الرابع عشر من يوليوز ليس مجرد مناسبة احتفالية، بل لحظة ذات مغزى. إنها تذكير بأن الجمهورية تُعاش وتُبنى وتُورّث. وأن مسؤوليتنا، حتى خارج حدود فرنسا، أن نُبقيها حيّة”.
ليكون الختام احتفالياً بامتياز، مع معرض صور بعنوان “التمهل” يوثق لطرق المغرب المنسية، وسهرة موسيقية جمعت التراثين الفرنسي والمغربي في مزيج من الذوق والروح، لتُختتم الليلة بمذاقات من المطبخين.
وقد تميزت الاحتفالات هذه السنة بحضور طاقم قناة Universitatv، الذي حرص على توثيق اللحظات الأساسية من هذه المناسبة باللغة العربية والفرنسية، في تغطية إعلامية مزدوجة تعكس غنى الحدث وتعدديته الثقافية.
“فلنحتفل بفرنسا”، قالت ممثلة الجمهورية الخامسة بفاس، “ولنحتفل أيضاً بالصداقة بين فرنسا والمغرب، تلك الصداقة القوية، الحية، والثمينة”.
فكانت كلماتها أكثر من خطاب دبلوماسي، بل إعلان نوايا حقيقية لصياغة مستقبل مشترك، بروح الاحترام، والذاكرة، والرغبة في البناء.







