السكن الجامعي في المغرب بين الطلب المتزايد وإصلاح البنية التحتية

هشام التواتي
في ظل تزايد الطلب على السكن الجامعي في المغرب، والذي يتجاوز 60 ألف طلب سنوياً، يواجه قطاع التعليم العالي تحديات كبيرة لتلبية احتياجات الطلبة الذين يعانون من نقص في أماكن الإيواء. هذا الواقع دفع وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار إلى اتخاذ إجراءات عاجلة لتحسين البنية التحتية للأحياء الجامعية وتوسيع طاقتها الاستيعابية، وفق ما أكده عز الدين ميداوي، وزير التعليم العالي، خلال جلسة الأسئلة الشفوية بمجلس النواب.
حاليا، يتوفر المغرب على 20 حياً جامعياً تستوعب أكثر من 60 ألف سرير، إلا أن هذه الطاقة لا تكفي لتلبية الطلب المتزايد، مما يخلق فجوة كبيرة بين العرض والطلب. وأشار الوزير إلى أن العديد من الأحياء الجامعية تعاني من نقص في التمويل وصيانة البنية التحتية، بالإضافة إلى قدم التجهيزات وعدم كفاية الخدمات الاجتماعية والترفيهية. كما سلط تقرير اللجنة البرلمانية الاستطلاعية للأحياء الجامعية الضوء على نواقص أخرى، مثل ضعف الرقابة والمتابعة، ونقص خدمات الإطعام والمرافق الأساسية.
في محاولة لمعالجة هذه الإشكالات، أطلقت الوزارة عدة مشاريع تهدف إلى توسيع الطاقة الاستيعابية للسكن الجامعي وإعادة تأهيل الأحياء الجامعية القديمة، خاصة في مدن مثل أكادير وجدة وفاس. وتعمل الوزارة على تحسين وضعية الأحياء الجامعية من خلال تنفيذ التوصيات الواردة في تقرير اللجنة البرلمانية، والتي تشمل تحديث البنية التحتية وتجهيز الأحياء بأنظمة حديثة لمكافحة الحرائق. كما تسعى الوزارة إلى تعبئة مساهمة مختلف المتدخلين والشركاء، بما في ذلك الجهات والمجالس المنتخبة، في إطار الجهوية المتقدمة، لضمان توفير التمويل الكافي وتحسين جودة الخدمات المقدمة للطلبة.
وقد أوصت اللجنة البرلمانية بضرورة إصلاح شامل ومستعجل للأحياء الجامعية الحالية، وتسريع إنشاء الجيل الجديد من الإقامات الجامعية. كما دعت إلى توسيع شبكة الأحياء الجامعية عبر التراب الوطني لسد الخصاص المهول والتخفيف من ظاهرة الاكتضاض. ومن بين التوصيات الأخرى، إعادة النظر في معايير الاستفادة من السكن الجامعي، مع التركيز على الأسر ذات الدخل المحدود أو المتوسط، وتبسيط إجراءات الاستفادة من هذه الخدمات.
إن السكن الجامعي يظل عنصراً أساسياً في تحسين جودة الحياة الطلابية ودعم التحصيل العلمي. وفي هذا الصدد، أكد الوزير أن الوزارة تعمل على استحضار معايير الجودة والسلامة في الأحياء الجامعية الجديدة، مع الحرص على توفير بيئة آمنة ومريحة للطلبة. كما تسعى إلى تعزيز الخدمات الاجتماعية والترفيهية، مما يسهم في خلق حياة جامعية متكاملة تعزز من تجربة الطلبة وتدعم نجاحهم الأكاديمي.
في ظل التحديات الكبيرة التي يواجهها قطاع السكن الجامعي في المغرب، تبقى الجهود المبذولة من قبل وزارة التعليم العالي خطوة إيجابية نحو تحسين الوضع الحالي. إلا أن نجاح هذه الجهود يتطلب تعاوناً واسعاً بين جميع الفاعلين، بالإضافة إلى توفير التمويل الكافي وضمان تنفيذ التوصيات بشكل فعال. فقط من خلال إصلاح شامل وتوسيع مستدام يمكن تحقيق تطلعات الطلبة وتوفير سكن جامعي يليق بطلبة المملكة.