العنف يضرب بقوة في ثانوية الفتح التأهيلية بالخميسات والأستاذ في خطر

العنف يضرب بقوة في ثانوية الفتح التأهيلية بالخميسات والأستاذ في خطر

هشام التواتي


 في واقعة تزلزل الضمير وتستفز الإنسانية، تعرض أستاذ مادة الفيزياء والكيمياء (م.ر) لاعتداء وحشي داخل فصول ثانوية الفتح التأهيلية بالخميسات، يوم الإثنين 17 فبراير 2025. لم يكن الاعتداء مجرد صفعة أو دفعة، بل كان هجوماً دموياً بواسطة سلاح أبيض (سكين) استهدف رأس الأستاذ، مما أدى إلى إصابته بجروح خطيرة نقل على إثرها إلى المستشفى الإقليمي بالخميسات، ثم إلى المستشفى الجامعي بالرباط. هذه الحادثة ليست مجرد اعتداء فردي، بل هي صرخة مدوية تعكس تفشي ظاهرة العنف داخل المؤسسات التعليمية، والتي أصبحت تهدد سلامة الأطر التربوية والإدارية وتقوض رسالة التعليم.

هذا الاعتداء الشنيع ليس وليد الصدفة، بل هو نتاج تراكمات لثقافة العنف التي تتسرب إلى مدارسنا، وتتحول أحياناً إلى كابوس يومي يعيشه الأساتذة والتلاميذ على حد سواء. فكيف وصلنا إلى هذا المستوى من التدهور الأخلاقي؟ وكيف يمكن أن يتحول الفصل الدراسي، الذي يفترض أن يكون واحة للعلم والأمان، إلى ساحة للعنف والدم؟ الأسئلة كثيرة، والإجابات ليست سهلة، ولكن ما هو مؤكد أن الوقت قد حان لمواجهة هذه الظاهرة بكل حزم وصرامة.

في رد فعل سريع وقوي، أصدرت خمس نقابات تعليمية بإقليم الخميسات بياناً تضامنياً مع الأستاذ الضحية، مؤكدة تضامنها المطلق واللامشروط معه ومع جميع الأطر العاملة بالمؤسسة. النقابات لم تكتفِ بإدانة الفعل الإجرامي الشنيع، بل حملت السلطات الأمنية مسؤولية حماية حرمة المؤسسات التعليمية وتوفير الأمن في محيطها، مطالبةً بتعزيز الدوريات الأمنية المنظمة والمستمرة. كما طالبت المديرية الإقليمية باتخاذ الإجراءات التربوية والإدارية اللازمة في حق التلميذ الجاني، والدفاع عن الأستاذ الضحية إدارياً وقضائياً حتى استرجاع حقه وكرامته.

ولكن، هل يكفي التنديد والتضامن؟ بالطبع لا. فظاهرة العنف داخل المؤسسات التعليمية تتطلب حلولاً جذرية وشاملة، تبدأ بتعزيز القيم الإنسانية والأخلاقية في المناهج الدراسية، وتمر بتحسين الظروف النفسية والاجتماعية للتلاميذ، وتنتهي بتوفير بيئة آمنة وداعمة للجميع على حد سواء. كما يجب أن تكون هناك سياسات صارمة لمعاقبة مرتكبي العنف، سواء كانوا تلاميذا  أو أطرافاً خارجية، مع تعزيز دور الأخصائيين الاجتماعيين والنفسيين داخل المدارس لتقديم الدعم اللازم للتلاميذ الذين يعانون من مشاكل سلوكية أو نفسية.

النقابات التعليمية في إقليم الخميسات أعلنت أنها ستكون موحدة ضد كل من تسول له نفسه ممارسة العنف اللفظي أو البدني على الشغيلة التعليمية بالإقليم، وستتصدى لكل تهديد أو اعتداء على سلامتها وأمنها. هذا الموقف القوي والمشرف يجب أن يكون بداية لتحرك وطني شامل يضع حداً لهذه الظاهرة الخطيرة.

إن حادثة الخميسات ليست مجرد خبر عابر، بل هي جرس إنذار يدق بقوة ليوقظنا من غفوتنا. العنف في المدارس ليس مشكلة فردية، بل هو قضية مجتمعية تمس أمننا وأخلاقنا ومستقبل أبنائنا. فلنواجهها بكل ما أوتينا من قوة، ولنعمل معاً لتحويل مدارسنا من ساحات للعنف إلى منارات للعلم والأمان.