فاس: الطلبة أوفوا بالتزاماتهم… فهل تفي الجهات المسؤولة بوعودها؟

فاس: الطلبة أوفوا بالتزاماتهم… فهل تفي الجهات المسؤولة بوعودها؟

هشام التواتي

في سياق يتسم بتنامي الوعي الطلابي وحرص ممثلي طلبة الاتحاد الوطني لطلبة المغرب على الدفاع عن حقوق زملائهم، شهدت جامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس، خلال الموسم الجامعي المنصرم، زخماً نضالياً نوعياً من داخل المركبين الجامعيين ظهر المهراز وسايس، عبّر من خلاله الطلبة عن وعيهم بالمسؤولية الملقاة على عاتقهم وحرصهم على تحسين شروط التحصيل العلمي والعيش الجامعي، في ظل تحديات متنامية على مستويات النقل، والسكن، والإطعام، والبنية التحتية، والمنح، وسائر الجوانب البيداغوجية.

وقد تُوّجت هذه الدينامية النضالية السلمية، التي حرص خلالها الطلبة على تأكيد مشروعية مطالبهم وعدالة احتجاجاتهم، بعقد لقاء حواري ماراطوني يوم الإثنين 13 يناير 2025 بمركز دراسات الدكتوراه، امتد لأزيد من 12 ساعة. حوار حضره ممثلو مختلف الأطراف المعنية، بمن فيهم نائب رئيس الجامعة، وعمداء الكليات ذات الاستقطاب المفتوح، ومديرو الأحياء الجامعية، وممثل عن ولاية جهة فاس مكناس، والمهندس المشرف على النقل الحضري بالجماعة، إلى جانب أحد عشر طالباً ممثلين عن الطلبة المنتدبين من داخل المركبين الجامعيين.

وقد تطرق اللقاء لمجموعة من المحاور الحيوية، على رأسها الشق البيداغوجي والبنية التحتية للمؤسسات الجامعية، فضلاً عن ملفات النقل الجامعي، والمطاعم الجامعية، والسكن، والمنح، حيث تم تسجيل التزام واضح من المسؤولين بالعمل على تنفيذ جملة من النقاط، كان أبرزها ما يتعلق بالنقل والسكن الجامعي، باعتبارهما أحد أكثر القضايا إلحاحاً في حياة الطالب اليومية.

ومن جانبها، أوفت الجامعة بالتزاماتها المرتبطة بالشق البيداغوجي، حيث شهدت مختلف المؤسسات التابعة لها تحسناً في آليات التواصل والتدبير، وتجويداً على مستوى الخدمات الأكاديمية، كما بُذلت مجهودات كبيرة على مستوى البنية التحتية، تمثلت في عدد من الإصلاحات والتجهيزات، وهو ما لمسه الطلبة وممثلوهم خلال زيارات ميدانية ومواكبة مستمرة، في انتظار استكمال ما تبقى من أوراش مفتوحة.

ويُسجل في المقابل تأخر واضح في تفعيل ما تم الاتفاق عليه بشأن السكن والمطعم الجامعيين، رغم أن هذه الملفات تشكل ركائز أساسية في الحياة الجامعية للآلاف من الطلبة، لا سيما المنحدرين من أسر محدودة الدخل ومن مناطق بعيدة. ويطالب الطلبة بالتعجيل بفتح الحي الجامعي القريب من المركز الاستشفائي الحسن الثاني، الذي يُعد مطلباً آنياً وملحاً بالنظر إلى موقعه الاستراتيجي وقربه من مؤسسات جامعية حيوية، وكذا بالنظر إلى الضغط الكبير الذي تعرفه الأحياء الجامعية الحالية. كما أن تحسين خدمات الإطعام الجامعي وتوسيع القدرة الاستيعابية للمطاعم يبقى مطلباً مستعجلاً بالنظر إلى التزايد المستمر في أعداد الطلبة.

وفي ما يخص النقل الجامعي، تم التأكيد خلال اللقاء على عدد من الالتزامات، من بينها تعزيز الخطوط خلال فترات الامتحانات، وإحداث خطوط مباشرة من مختلف الأحياء السكنية نحو مركبي ظهر المهراز وسايس، واعتماد حافلات ذات جودة عالية، بما في ذلك حافلات BHNS. كما تم الوعد بإحداث ولوجيات خاصة بذوي الاحتياجات الخاصة، وإنشاء خط يربط الحي الجامعي الجديد بظهر المهراز، مع ضمان استفادة الطلبة من مختلف الحافلات المارة بالكليات، إلى جانب إشراك ممثلي الطلبة في موضوع إعادة توزيع الخطوط، مع تحديد شهر فبراير الماضي كموعد للاجتماع مع مكتب الدراسات المكلف بالمشروع الجديد للنقل.

لكن، ورغم مرور أشهر على توقيع المحضر والتزامات كافة الأطراف، يُسجل بقلق بالغ تأخر الجهات المعنية في تنزيل بعض الوعود، وعلى رأسها تفعيل مطلب تخفيض ثمن الانخراط في النقل الجامعي. وهو المطلب الذي لطالما شكّل عنواناً لنضالات الطلبة، نظراً لارتفاع الكلفة مقارنة بمدن جامعية أخرى. فبينما يؤدي الطلبة في تازة 60 درهماً شهرياً، و70 درهماً في وجدة، و100 درهم بالناظور (تشمل أربعة خطوط منها المباشرة والخارجية)، نجد أن الطلبة في فاس يؤدون 90 درهماً فقط للخط 31، وترتفع الكلفة إلى 100 درهم لاستعمال خطين فقط، دون أي تمييز فعلي أو تحفيز للطلبة، الذين يضطرون يومياً إلى التنقل من أحياء بعيدة للوصول إلى قاعات الدرس.

ويأتي هذا التأخر في تنفيذ الوعود في وقت يشهد قطاع النقل بفاس تحولات مهمة، أبرزها إنهاء عقدة شركة “سيتي باص” واستقدام فاعل جديد، إلى جانب تعزيز أسطول الحافلات بعدد من العربات الجديدة، في انتظار استكمال عملية التجديد الشامل قبل متم السنة الجارية. وهو ما يجعل من اللحظة الراهنة فرصة حقيقية لمأسسة النقل الجامعي ضمن تصور أكثر عدالة وفعالية واستجابة لخصوصية المدينة الجامعية فاس.

وأمام هذا الواقع، ينتظر الطلبة اليوم من والي جهة فاس مكناس، وكذا من رئيس الجهة، التدخل الفعلي من أجل تنزيل ما تم الاتفاق عليه، وإعطاء دفعة حقيقية لمطلب تخفيض ثمن الاشتراك الشهري في الحافلات، وأجرأة باقي الالتزامات المتعلقة بالسكن والإطعام، باعتبارها مطالب عادلة ومشروعة لا تحتمل مزيداً من التأجيل، خاصة بعد أن أوفى الطلبة بالتزاماتهم النضالية وعلّقوا خطواتهم التصعيدية في انتظار الوفاء بالوعود. فهل يكون التجاوب في مستوى اللحظة والمسؤولية؟