العلم الوطني بين الإهمال والمسؤولية: ضرورة غرس رموز السيادة في نفوس التلاميذ
هشام التواتي
يعد العلم الوطني رمزًا سياديًا راسخًا يعكس هوية المغرب ووحدته، حيث يمثل أحد أعمدة الولاء والانتماء للوطن. وفي هذا السياق، صدر الظهير الشريف رقم 99-05-1 بتاريخ 15 ديسمبر 2005، والذي يحدد خصائص علم المملكة المغربية، وأدرج في الجريدة الرسمية رقم 5378، مؤكدًا قدسية العلم وحمايته من أي إساءة، إلى جانب النص على رفعه مصحوبًا بترديد النشيد الوطني كإجراء تربوي لغرس حب الوطن في نفوس التلاميذ.
إلا أن هناك تناقضًا بين ما ينص عليه القانون وما يحدث على أرض الواقع، خاصة في بعض مؤسسات التعليم الخاص، حيث نجد أن العلم الوطني غائب عن الكثير من هذه المؤسسات، وإذا وُجد، فقد يكون ممزقًا أو قديمًا، أو حتى مقلوبًا بطريقة تسيء إلى رمزيته. هذه المظاهر تثير التساؤلات حول مدى التزام هذه المؤسسات بالقيم الوطنية، ودور القائمين عليها في ترسيخ الهوية الوطنية لدى التلاميذ.
إن غياب العلم الوطني أو الإهمال في الحفاظ عليه يتعارض مع الجهود المبذولة لتعزيز روح الانتماء والوطنية بين الناشئة، إذ إن رفع العلم وترديد النشيد الوطني كل أسبوع يعد جزءًا هامًا من منظومة تربوية تهدف إلى تكريس حب الوطن. وإذا كانت المؤسسات التعليمية هي البيئة التي يتلقى فيها التلاميذ قيمهم، فإن تقاعس البعض منها عن رفع العلم أو إظهاره بشكل لائق يرسل رسالة خاطئة للتلاميذ عن مدى أهمية الرمز الوطني في حياتهم.
لمواجهة هذه الظاهرة وتعزيز دور العلم الوطني، يجب تكثيف حملات التوعية داخل المؤسسات التعليمية، وخاصة الخاصة منها، بأهمية العلم ودوره كرمز جامع يوحد المغاربة تحت راية واحدة. ويمكن أيضًا تفعيل الرقابة بشكل أكبر من قبل السلطات الترابية والمديريات الإقليمية للتربية الوطنية للتأكد من التزام جميع المؤسسات التعليمية، خاصة الخاصة منها، برفع العلم الوطني بشكل دائم وصيانته ليبقى في حالة تليق بمكانته.
كما يمكن إدراج دروس تربوية وتثقيفية لتعريف التلاميذ بتاريخ العلم وأهميته، ما يسهم في خلق علاقة عاطفية بين التلاميذ ورمزهم الوطني. ومن المفيد تنظيم أنشطة مدرسية تتناول موضوع العلم، مثل إعداد عروض تقدم مسيرته التاريخية ودوره في توحيد البلاد، إلى جانب تنظيم مسابقات ثقافية حول رموز السيادة المغربية.
إن معالجة هذه الظاهرة تتطلب تكامل جهود جميع الأطراف، من وزارة التربية الوطنية، والمديريات الإقليمية للتربية الوطنية، والسلطات الترابية، وصولًا إلى أولياء الأمور، لتأسيس جيل يعي قيمة العلم الوطني ويحمله بفخر واعتزاز، ويعتبره رمزًا أساسيًا لهويته المغربية