"سيني كلوب" للروائي المغربي محمد أمنصور: استمرار لتجربة روائية متفردة
خرج الروائي المغربي محمد أمنصور إلى قرائه، بروايته الجديدة "سيني-كلوب" عن دار النشر الفنك، وذلك خلال أشغال المعرض الدولي للنشر والكتاب بالرباط.
بعد مجموعة من الأعمال النقدية ومجموعتين قصصيتين، إلى جانب رواية "المؤتفكة" سنة 2004، "دموع باخوس" سنة 2010، و"في انتظار مارلين مونرو" سنة 2019، تأتي رواية "سيني كلوب" سنة 2023، كاستمرار لتجربة الأديب محمد أمنصور في نمط الرواية الجديدة في المغرب، والتي تتفرد باستراتيجيتها التجريبية عن الرواية التقليدية المتداولة.
وكما عهدنا في روايات أمنصور، فإن الإبداع في الرواية والتجريب والتجديد يبدأ من غلاف الرواية ويستمر إلى نقطة النهاية. فإن كان الغلاف يصور لنا أبواب مكناس تعتليها تماثيل "مواي" البازلتية بجزيرة القيامة التشيلية، فإن ذلك راجع لما تحمله الرواية من تداخل مكاني وزماني.
إذ يأخذنا الروائي في رحلة متعددة الأبعاد رفقة يونس، في محاولته لإيجاد أخيه المفقود إلياس، تحرير زوجة أخيه رقية المعتقلة، والوفاء لوصية أبيه حول جده صالح وفكرة إنتاج فيلم، نقط كثيرة، متفرقة، تجتمع لتوقظ هواجس يونس وهلوساته، طموحاته وانكساراته، تضعه في مواجهة مباشرة وغير مباشرة مع سؤال الهوية، والأصل...بين العروبة والأمازيغية، بين الإسلام واليهودية، ما بين ضفتي الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي.... أمام سؤال الوجود والإنجاب والحب والرغبة....
نرافق كقراء يونس المتخبط بين هواجسه وهذيانه، أحلامه وانكساراته، قراراته وتردداته، مكانيا.. فنتجول معه في مكناس والرباط، في فرنسا وروسيا، قبل أن نسافر إلى الشيلي في رحلة منظمة بين البراكين والصحراء المزروعة والأحياء البهية بإبداعات غرافيتية... كما نسافر معه زمانيا من حين إلى آخر إلى ذكريات الزمن الجميل لنادي السينما بمكناس، وزمن الرفاق بظهر المهراز، وأوضاع الاتحاد السوفياتي. ثم نغوص معه نفسيا، في رحلة لسبر أغوار ذاته، والإجابة عن أسئلته الوجودية حول الهوية والأصل والأجداد كما نتخبط معه في مجموعة من الشكوك والهواجس تهم قراراته السابقة ومشاريعه المستقبلية.
وبينما القارئ منغمس في كل هذه التخبطات، يجد نفسه، فيما يشبه استراحة نفسية، بين مجموعة من الفنون، ما بين إحالات على الفن التشكيلي واللوحات العالمية، إلى الغرافيتي والخربشات والرسم، إلى الأفلام السينيمائية المغربية منها والدولية، إلى أن يتوقف أمام جدارية لولا الرمز في أريكا بالشيلي... قبل العودة إلى مكناس والترحم على روح الزهراوي، أحد شخصيات الرواية، الذي يظل مرافقا للقراء ولباقي الشخصيات ... إلى ما بعد نقطة النهاية.
رواية "سيني-كلوب" لمحمد أمنصور، وقت مستقطع لمحاورة الذات، ومعبر لفهم الآخر.