بكالوريا 2025 : المغرب يُحصّن امتحاناته الوطنية رقمياً وحوالي سبعة وستون في المائة من المترشحين يجتازون الاستحقاق بنجاح

هشام التواتي
أعلنت وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، صباح السبت 14 يونيو 2025، عن نتائج الدورة العادية للامتحان الوطني الموحد لنيل شهادة البكالوريا. ورغم تسجيل تراجع طفيف في نسبة النجاح مقارنة بالسنة الماضية، فقد شهدت الدورة انتظاماً مميزاً عبر جميع الأكاديميات، وارتفاعاً في عدد الناجحين، مما يعكس استقراراً مؤسساتياً وجهداً جماعياً في مواكبة هذا الاستحقاق المفصلي في المسار الدراسي للتلميذات والتلاميذ المغاربة.
أظهرت نتائج امتحانات البكالوريا لسنة 2025 أن 250 ألفاً و75 مترشحاً ممدرساً تمكنوا من اجتياز الدورة العادية بنجاح، مقابل 245 ألفاً و881 خلال دورة 2024، ما يمثل زيادة نسبتها 1,5%. ورغم هذه الزيادة الكمية، فقد سجلت نسبة النجاح الإجمالية تراجعاً طفيفاً بلغ 1,06 نقطة مئوية، حيث استقرت عند 66,8% مقارنة بـ67,86% السنة الماضية.
وتكشف المعطيات عن تفوق مستمر للتلميذات، إذ بلغت نسبة نجاح الإناث 71,3%، بينما لم تتجاوز 61,81% لدى الذكور، وهو فارق دال يتكرر منذ سنوات، ما يفتح النقاش مجدداً حول الفجوات الجندرية في الأداء الدراسي والقدرات التحصيلية.
وفيما يخص الحضور، فقد اجتاز اختبارات الدورة 374 ألفاً و371 تلميذاً ممدرساً بنسبة حضور مرتفعة بلغت 97,14%، وهي قريبة جداً من نسبة الحضور في دورة 2024 التي بلغت 97,36%. أما المترشحون الأحرار، فقد بلغ عدد الحاضرين منهم 71 ألفاً و361، بنسبة حضور 64,42%، سجلوا منها نسبة نجاح بلغت 36,95%، بتراجع ملحوظ مقارنة بـ39,56% في السنة الماضية.
أما عن التميز الدراسي، فقد حصل 152 ألفاً و261 مترشحاً على ميزة، وهو ما يمثل 54,9% من مجموع الناجحين، ويعكس تحسناً نوعياً في الأداء، لا سيما ضمن المسالك المهنية التي سجلت أعلى نسب النجاح (76,15%)، تليها المسالك الدولية للبكالوريا المغربية بنسبة 68,95%.
ولم تُغفل الوزارة فئة التلاميذ في وضعية إعاقة، الذين سجلوا بدورهم نسبة نجاح مشرفة بلغت 69,66%، مستفيدين من تدابير تكييف موائمة، سواء في ظروف الإجراء أو في التصحيح، ما يُعد مكسباً للعدالة التربوية.
الدورة العادية لبكالوريا 2025 لم تقتصر على الأرقام، بل تميزت بحكامة رقمية عالية، تمثلت في الاستمرار في اعتماد الترقيم السري الإلكتروني للسنة الثانية توالياً، إلى جانب رقمنة عملية تسليم المواضيع، وضمان سريتها وأمنها، إضافة إلى إصدار شهادات النجاح وبيانات النقط بصيغة رقمية انطلاقاً من يوم 15 يونيو.
على صعيد التنظيم، عرفت جميع الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين سيراً سلساً ومنظماً، دون تسجيل اختلالات كبرى، وذلك بفضل تعبئة مختلف المتدخلين، من أطر تربوية وإدارية وسلطات أمنية ومحلية. وقد تميزت الدورة كذلك بتشديد الإجراءات الوقائية لمحاربة الغش، بالتنسيق مع السلطات المختصة، ما ساهم في تعزيز نزاهة الاستحقاق الوطني.
هذا الإنجاز لا يخص فقط التلاميذ، بل يمتد إلى أسرهم التي تابعت هذا الامتحان بشغف وقلق، ورافقت أبناءها في مرحلة حاسمة تشكل نقطة تحول نحو التعليم العالي أو سوق الشغل، ما يجعل من امتحانات البكالوريا لحظة مجتمعية بامتياز.
وبينما تستعد وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة لتنظيم الدورة الاستدراكية ما بين 3 و5 يوليوز المقبل لـ153 ألفاً و612 مترشحاً، يتأهب التلاميذ المتفوقون لاجتياز المباراة العامة للعلوم والتقنيات يوم 4 يوليوز في ثانوية مولاي يوسف بالرباط، في تخصصات دقيقة تشمل الرياضيات، الفيزياء، الكيمياء، علوم الحياة والأرض، وعلوم المهندس.
هكذا تُثبت منظومة التربية والتكوين المغربية مرة أخرى قدرتها على إدارة أحد أكبر الاستحقاقات الوطنية بروح المسؤولية، رغم التحديات، وتؤكد أن الرهان على المدرسة العمومية وتحسين جودة التعلم لا يزال ممكناً، بل وضرورياً.