ورشة عمل بلشبونة تقارب حق تقديم العرائض والملتمسات في التجارب الدولية
التأم يوم الجمعة 16 يونيو 2023 بلشبونة خبراء دوليون ومغاربة، من أجل مقاربة حق تقديم العرائض والملتمسات في التجارب الدولية، لاسيما الأوروبية منها.
وخلال هذه الورشة، التي نظمها مركز شمال- جنوب التابع لمجلس أوروبا بشراكة مع مجلس النواب، في إطار زيارة عمل يقوم بها وفد برلماني مغربي يومي 15 و16 يونيو، للجمعية الوطنية البرتغالية، وذلك للاطلاع على تجربة البرتغال في مجال الديمقراطية التشاركية وتقديم العرائض، قدم المتدخلون لمحة عامة عن أنظمة العرائض والملتمسات المعتمدة في بعض البرلمانات الأوروبية، فضلا عن تقديم رؤى متقاطعة حول الديمقراطية التشاركية بالمغرب وعرض هاته الحصيلة وآفاقها في ضوء التجارب البرتغالية والسويسرية والألمانية والنمساوية.
وأجمع المتحدثون على أهمية تمكين المجتمع المدني من النهوض بأدواره ووظائفه الدستورية باعتباره شريكا في العلاقة الإيجابية بين المؤسسات والمواطنين، وضرورة الانفتاح وتعبئة وتحسيس المواطن بضرورة المشاركة المواطنة وممارسة حقه في تقديم الملتمسات في القضايا ذات المنفعة العامة.
وفي هذا الصدد، استعرض الخبير ومستشار رئيس البرلمان البرتغالي، تياغو تيبورسيو، التجربة البرتغالية في مجال تقديم العرائض، مبرزا أن النظام المعتمد في البرتغال منظم بشكل جيد ويرتكز على مسار يوفر نتائج واضحة ومؤكدة للمواطنين.
كما يتميز نظام تقديم الملتمسات بالبرتغال - حسب المتحدث- بعدة مزايا، منها على الخصوص، تتبع المراحل الرئيسية لمقدميها، من خلال مناقشة مضمون الملتمس في جلسة عامة، والحرص على التواصل والتركيز على الملتمسات ذات المنفعة العامة، وهو المجال الذي يدخل في صميم انشغالات البرلمانات، إلى جانب إدخال نظام الالتماس الإلكتروني بنجاح.
وأكد الخبير البرتغالي على أن ممارسة الحق في تقديم الملتمسات بالبرتغال، وإن راكم تجربة مهمة ونقاط قوة، فإنه ما فتئ يواجه تحديات تتمثل في المشاركة غير المتكافئة وعتبة التوقيعات المرتفعة، ما يقلص إمكانية وصول العديد من العرائض، ودراسة مضامين العرائض بطريقة بيروقراطية، إلى جانب الآجال الطويلة التي تتخذها دراسة وفحص الملتمسات والرد عليها.
وشدد في هذا الإطار على ضرورة وضع أجندة واضحة وقيادة ملتزمة وإرادة سياسة من جانب الفاعلين الرئيسيين باعتبارها عوامل أساسية لتعزيز هذه التجربة.
من جانبه، قدم أندرياس غروس، الخبير الدولي في الديمقراطية التشاركية والأستاذ في جامعة هامبورغ، رؤى متقاطعة حول الديمقراطية التشاركية في ضوء التجارب السويسرية والألمانية والنمساوية.
وبحسب الخبير السويسري، فإن جميع برلمانات الاتحاد الأوروبي تقريبا، باستثناء البلدان الإسكندنافية، تعتمد آلية تقديم الملتمسات، مشيرا إلى أن معظمها لديه لجنة خاصة بالعرائض أو لجنة واحدة مكلفة بالملتمسات (حتى لو كانت معنية بمواضيع أخرى).
وأضاف أن الحق في تقديم الملتمس شامل، حيث يمكن تقديمه في شكل ورقي أو إلكتروني، مفيدا بأن أغلبية البرلمانات الأوروبية توافق على إضافة توقيعات بمجرد قبول العريضة.
وفي السياق ذاته، قال الخبير الدولي إن التجربة المغربية الفتية واعدة ويتعين مواكبتها ودعمها، مشيرا إلى أن لقاء اليوم يشكل مناسبة للجنة العرائض بمجلس النواب لاستلهام التجارب الناجحة من أجل تقوية الديمقراطية التمثيلية، سواء على مستوى التكوين أو التأطير أو المساطر، وذلك من أجل إعلاء منسوب الثقة ووضع هذه التجربة في مسارها الصحيح.
وفي مداخلتها حول مكتسبات وتحديات النموذج المغربي في ضوء التجربة البرتغالية، تناولت رقية أشمال، الأستاذة الجامعية والخبيرة الدولية، الإطار الدستوري والقانوني الملائم في المغرب، مشيرة في هذا الصدد، إلى دستور 2011، والقانون التنظيمي رقم 44.14 المتعلق بالعرائض الموجهة إلى السلطات العمومية، والقانون التنظيمي رقم 64.14 المتعلق بالملتمسات في مجال التشريع، والنظام الداخلي لمجلس النواب.
وأشارت الأستاذة الباحثة إلى أن هناك إرادة سياسية تدعم مسار الديمقراطية التشاركية، حيث توقفت على الخصوص عند عدد من الخطب الملكية التي كانت محفزة وموجهة في هذا الإطار، كما أشارت إلى الالتزام السياسي المعبر عنه بهذا الشأن من طرف النخب السياسية.
وبعد أن أكدت الباحثة على أهمية الوعي بالديمقراطية التشاركية باعتبارها واحدة من المكتسبات المهمة من أجل تقوية دور المواطنين والمجتمع المدني، وممارسة المواطنة، والمشاركة في الحياة السياسية، وبلورة ومتابعة وتقييم السياسات العمومية، اعتبرت أن المغرب يشهد دينامية مدنية مهمة للغاية.
وبحسب المتحدثة، فإن هذه الدينامية يعكسها عدد الجمعيات الموجودة في المغرب (259000 جمعية)، وما تمثله من تنوع بحسب مجالات الاهتمام وأمكنة الانتشار، والدينامية المجتمعية في وسائل التواصل الاجتماعي، وما كان لذلك من تأثير على مستوى إثارة الانتباه إلى الأدوار الدستورية للمجتمع المدني.
وفي سياق متصل، اعتبرت السيدة أشمال أن التجربة البرتغالية، غنية على مستوى الممارسة التشاركية، ويمكنها أن تكون مرجعا بالنسبة للتجربة المغربية.
وأشارت بهذا الخصوص إلى أن تجربة البرتغال يمكن أن تكون مفيدة على مستوى تقليص البنيات الحاملة للعرائض إلى بنيتين فقط (أصحاب العريضة ولجنة تقديم العريضة)، وإدخال المهاجرين والقاصرين ضمن دائرة الأشخاص الذين يمكنهم ممارسة الحق في تقديم العرائض، والتزام السلطات العمومية بتشجيع ممارسة الحق في تقديم الملتمسات والعرائض، وتقليص الحد الأدني المطلوب في التوقيعات، فضلا عن إدخال مقتضيات تمنع رفض العرائض لأسباب تتعلق بغياب أو نقص في بعض الشكليات.
وتندرج زيارة الوفد المغربي، الذي ترأسه، رئيسة لجنة العرائض بمجلس النواب، خديجة الزومي، في إطار مشروع دعم تطوير دور البرلمان في توطيد الديمقراطية بالمغرب (2020-2023)، الذي يموله الاتحاد الأوروبي وينفذه مجلس أوروبا، وكذا التزام مجلس النواب بالشراكة من أجل برلمان منفتح.
وإلى جانب خديجة الزومي، نائبة رئيس مجلس النواب ورئيسة لجنة العرائض بالمجلس عن حزب الاستقلال، يضم الوفد المغربي كلا من النائبة مليكة الزخنيني عن حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، ونادية التهامي عن حزب التقدم والاشتراكية، ويونس بنسليمان عن حزب التجمع الوطني للأحرار.