كلية الآداب ظهر المهراز بفاس تناقش في ندوة دولية صورة الإسلام والمسلمين في الثقافات الأوروبية- نحو إعادة تصحيح الصورة

كلية الآداب ظهر المهراز بفاس تناقش في ندوة دولية صورة الإسلام والمسلمين في الثقافات الأوروبية- نحو إعادة تصحيح الصورة

عرفت كلية الآداب والعلوم الإنسانية ظهر المهراز، التابعة لجامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس، طيلة أيام 9 / 10 / 11 حضورا وازنا لباحثين ودكاترة من مختلف بقاع العالم وذلك خلال أشغال الندوة الدولية التي نظمتها الكلية وكذا ماستر "تحالف الحضارات وحوار الديانات"، تحت عنوان: "صورة الإسلام والمسلمين في الثقافات الأوروبية – نحو إعادة تصحيح الصورة".

وقد شهدت هذه الندوة الدولية انعقاد عشر جلسات علمية، أطرها أساتذة وباحثون من دول عدة من بينها: إسبانيا، وألمانيا، وفرنسا، وإيطاليا، والبرتغال، وأمريكا، والشيلي، بالإضافة إلى باحثين من مغاربة العالم، وأساتذة من جامعات مغربية، كما عرفت جلساتها تعددا لغويا حيث ألقى المحاضرون مداخلاتهم باللغة العربية، والإنجليزية، والألمانية، والإسبانية، والفرنسية. 

ومن بين المحاور التي عرفتها وقائع هذه الجلسات نجد:
- المسلمون في أوروبا وتجربة المواطنة.
- المسلمون في أوروبا والحوار الديني.
 -صورة الإسلام والمسلمين في الأدب الأوروبي.
-الإسلام والخطاب السردي والصحفي والفني.
-صورة الإسلام والمسلمين في الثقافات الإيبيرية. -الحوار الحضاري وتصحيح صورة الإسلام والمسلمين. -تمثلات الثقافة الإسبانية للإسلام والمسلمين.

و خلال كلمته الافتتاحية، أشار الدكتور خالد لزعر، عميد كلية الآداب والعلوم الإنسانية – ظهر المهراز – فاس، إلى الدور الكبير الذي تلعبه الصورة اليوم في مجتمعاتنا، سواء في إعطاء تمثلات نمطية أو معلومات جاهزة، وكذا قدرتها عل تصحيح التصورات الخاطئة عن الآخر، إذا أُحسن توظيفها. 

هذا وقد أكد السيد العميد على راهنية موضوع هذه الندوة الدولية في زمن العولمة والصراعات المفتعلة، وتضارب المصالح الجيو- سياسية، والجيو- اقتصادية.  مشيرا إلى أهمية إثارة النقاش ووضع اليد على مكامن الخلل في الصورة التي رسمتها بعض الجهات الأوروبية للإسلام والمسلمين بهدف إصلاح هذه الصورة.

كما أكدت اللجنة التنظيمية في كلمتها أن تنظيم هذه الندوة الدولية نابع من إيمان كلية الآداب والعلوم الإنسانية – ظهر المهراز – فاس، وكذا ماستر: "تحالف الحضارات وحوار الديانات"، بالأهمية التي تلعبها الصورة في تكوين فكرة عن الآخر، سواء كانت هذه الصورة سلبية أو إيجابية، موضوعية أو بعيدة عن الحقيقة والواقع، وسواء كانت في المجالات الفكرية والأدبية والفنية، أو في المجالات السياسية والإعلامية والعلوم الإنسانية وغيرها. وما الآخر  في هذه الندوة  سوى "المسلمون"، سواء في ارتباطهم بالإسلام أو في ارتباطهم بالثقافة الإسلامية، أو في علاقاتهم بالدولة الأوروبية التي يعيشون فيها، أو صاروا مواطنين فيها.

ومن بين أهم القضايا التي أثارتها جلسات هذه الندوة نذكر: 
- مسؤولية الصورة المشوهة للإسلام والمسلمين المتداولة اليوم في بعض الثقافات الأوروبية تقع على عاتق طرفين هما : بعض المسلمين الذين صدروا صورة مشوهة عن الإسلام والمسلمين، وبعض الأوروبيين الذين استغلوا هذا الأمر - بسوء نية - ليشوهوا الصورة أكثر فأكثر.

- تصحيح هذه الصورة المشوهة يتطلب تعاونا بين المسلمين وذوي النوايا الحسنة من الأوروبيين، من خلال العمل على التنبيه إلى جوهر الإسلام وسماحته، والدور الذي يمكن أن يلعبه في أمن وأمان العالم، وإلى ضرورة التمييز بين الإسلام (القرآن والسنة) والثقافة الإسلامية (فهم وتأويل بعض المسلمين للقرآن والسنة)، أو بمعنى آخر؛ التمييز بين الدين والتدين. 

- إن الدين الإسلامي يواجه مشكلة الاندماج في أوروبا وذلك عائد إلى الأنماط المتنوعة من التدين المحمل بثقافات وأعراف ومذاهب مختلفة والتي حملها المهاجرون معهم إلى الدول الأوروبية المستقبلة. هذا التنوع والتعدد والاختلاف صعب على الأوروبيين التعامل مع المسلمين إذ لم يجدوا نموذجا واحدا للمسلمين يخاطبونه. وإذا أراد المسلمين  الحصول على الاعتراف لا بد أن يصبحوا رافدا ثقافيا وسياسيا واجتماعيا من روافد البلد الأوروبي الذي يستقبلهم. 

- صورة الإسلام والمسلمين التي صنعها المخيال الأوروبي تنقسم إلى أربع صور، هي: 
1 – صورة العدو في لحظة الصراع.
2 – صورة المنافس في السلم.
3 – الصورة التي تعكس الخوف والحذر من المسلمين.
 4 ـ صورة الإعجاب والاندهاش.

- إن التيارات الإسلامية القادمة من الدول الإسلامية إلى أوروبا، تتمثل في ثلاثة تيارات أساسية هي: 
ـ التيار الثيولوجي.
- التيار الفكري الديني الفلسفي الإسلامي.
- التيار الثيوصوفي.  

وقد صار من اللازم التفريق بين الفلسفة والفكر الديني الإسلامي، لأن الفلسفة مطلقة في العقلانية لا تحتاج إلى وصفها بإسلامية، عكس الفكر الديني الإسلامي الذي يأخذ توصيفه من ارتباطه بالقضايا الفكرية الإسلامية.

- إن الهوية الإسبانية مبنية على أنقاض الهوية الإسلامية، ومع ذلك فالخطاب التاريخي الإسباني خطاب صراع ومحاولة محو الآخر، لأنه مرتبط بعدة إشكاليات، من بينها: الفتح والاسترداد، وحرب تطوان، والمسيرة الخضراء، والمورو الذين أحضرهم فرانكو لردع الجمهوريين.

- إن طابع العلاقات الإسلامية - الأوروبية، عبر التاريخ، يركز على التقاطعات السياسية والاقتصادية والتجارية، ويتجاهل التقاطعات الأدبية، في دلالة واضحة على اختزالية العلاقة بين الأنا والآخر في علاقة صراع. ومن هنا انطلقت الكتابات الأوروبية – عن الإسلام والمسلمين - من أسس بيولوجية كعامل تفوق، حيث سعت الكتابات البيضاء إلى إخراس الأصوات الملونة، غير أن تيارات مناهضة رفضت التفكير النمطي، ورفضت أسطورة تفوق الإنسان الأبيض.

-  التنبيه إلى الاختلاف بين القانون الإسلامي والقوانين الأوروبية، مع ضرورة الأخذ بعين الاعتبار التزايد الكبير لعدد المسلمين في أوروبا أثناء الحديث عن التعايش، إذ الإسلام كان ولايزال جزءا من الواقع الأوروبي. غير أنه في العقود الأخيرة صار هذا الحضور الإسلامي يطرح تحديات كبيرة، خاصة عندما يريد المسلم تطبيق شريعته في مجتمع غير مسلم، حيث تعتبر الشريعة الإسلامية نظاما مختلفا عن الأنظمة القانونية المطبقة في أوروبا.

- قضية الإسلاموفوبيا في أوروبا وبعض تجلياتها التي حصلت في أوروبا في الشهور الأخيرة من سنة 2023 مثل: حرق القرآن في السويد، وتمزيق وحرق القرآن في هولندا، وتمزيق وحرق القرآن في الدنمارك، وكذا بعض تجلياتها في إسبانيا، حيث سجلت في منطقة مورسيا في شهر واحد – من سنة 2021 - أربع حالات من الاسلاموفوبيا والعنصرية ضد الإسلام والمسلمين، والعنصرية ضد المنتخب المغربي لكرة القدم كما حصل في 27 مارس 2023، والهجوم على المسلمين أثناء الاحتفال برمضان.

وقد عبر، في الجلسة الختامية، عدد من المشاركين في هذه الندوة الدولية – من داخل المغرب وخارجه – عن أهمية ما طُرح في الندوة من قضايا مهمة، وما قُدم خلالها من اقتراحات لتصحيح صورة الإسلام والمسلمين في الثقافات الأوروبية، كما عبروا عن شكرهم للقائمين على الندوة عميدا ولجنة علمية وتنظيمية.