العنف في المؤسسات التعليمية : ألم يحن الآوان لتغيير المذكرة الوزارية رقم 14 / 867 ؟

العنف في المؤسسات التعليمية : ألم يحن الآوان لتغيير المذكرة الوزارية رقم 14 / 867 ؟

هشام التواتي

في ظل تصاعد وتيرة العنف داخل المؤسسات التعليمية بالمملكة المغربية، تبرز تساؤلات ملحة حول مدى فعالية الإجراءات التأديبية الحالية في مواجهة هذه الظاهرة الخطيرة. النائبة البرلمانية نادية بزندفة، من فريق الأصالة والمعاصرة، وجهت سؤالاً كتابياً إلى وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، تساءلت فيه عن الإجراءات التي ستتخذها الوزارة لمراجعة الإطار التأديبي المعمول به حالياً، والذي يبدو عاجزاً عن ردع السلوكيات العنيفة والمنحرفة داخل الفضاء المدرسي.

المدرسة العمومية، التي يفترض أن تكون فضاءً لترسيخ القيم التربوية والأخلاقية، أصبحت تشهد تفاقماً مقلقاً لمظاهر العنف، خاصة ضد الأطر التربوية. هذا الواقع يهدد استقرار المنظومة التعليمية برمتها، ويمس بهيبة الأستاذ ودوره التربوي. فكيف يمكن للمدرسة أن تؤدي دورها في بناء الأجيال القادمة إذا كانت بيئتها ملوثة بالعنف والإفلات من العقاب؟

المذكرة الوزارية رقم 14/867، الصادرة بتاريخ 17 أكتوبر 2014، والتي تنظم الإجراءات التأديبية داخل المؤسسات التعليمية، تبدو غير كافية لمواجهة التحديات الحالية. العقوبات المنصوص عليها، مثل تنظيف ساحة المدرسة أو القيام بأعمال البستنة، تُعتبر تدابير خفيفة لا ترقى إلى مستوى ردع السلوكيات الخطيرة. هذه الإجراءات، التي تشبه الأنشطة التطوعية أكثر من كونها عقوبات رادعة، فشلت في تحقيق الهدف المنشود من تقويم السلوك المنحرف.

غياب إجراءات تأديبية حازمة أدى إلى تفاقم الاعتداءات داخل المدارس، حيث يشعر بعض التلاميذ بأنهم بمنأى عن العقاب. هذا الوضع يستدعي تدخلاً عاجلاً من قبل الوزارة لمراجعة المقاربة الحالية وإقرار تدابير أكثر صرامة، تضمن هيبة المؤسسة التعليمية وتحمي الأطر التربوية من أي تهديد قد يعيق أداء مهامهم.

في سؤالها، طرحت النائبة بزندفة تساؤلات جوهرية حول استراتيجية الوزارة لمراجعة المذكرة الوزارية رقم 14/867، والتدابير التي ستتخذها لإعادة الاعتبار لهيبة المؤسسة التعليمية وتعزيز احترام الأطر التربوية. هذه التساؤلات تلامس قضية حيوية تمس مستقبل التعليم في المغرب، وتستدعي إجابات واضحة وإجراءات ملموسة.

في ظل هذا الواقع المقلق، يبقى السؤال الأكبر: هل ستتمكن الوزارة من إعادة هيبة المدرسة العمومية وحماية الأطر التربوية من العنف المتصاعد؟ أم أن الإجراءات التأديبية ستظل حبراً على ورق، بينما تستمر مظاهر العنف في التفاقم، مما يهدد مستقبل التعليم والأجيال القادمة؟ الوقت وحده كفيل بالإجابة، لكن ما هو مؤكد أن التحدي كبير، والمسؤولية أكبر.