الجامعة الأورومتوسطية بفاس : إنجاز مغربي يكتب اسمه في خرائط الريادة الأكاديمية العالمية

هشام التواتي
في لحظة حاسمة من تنافس دولي لا يعترف إلا بالأقوى علمياً والأكثر تأثيراً، خطّت الجامعة الأورومتوسطية بفاس (UEMF) فصلاً استثنائياً في مسار التعليم العالي المغربي، معلنةً دخولها التاريخ من أوسع أبوابه. فقد تصدّرت التصنيف الوطني للجامعات وفق مؤشر Round University Ranking لسنة 2025، متجاوزةً مؤسسات مرموقة كجامعة محمد الخامس وجامعة القاضي عياض، واحتلت المرتبة الثانية على مستوى القارة الإفريقية، مباشرةً بعد جامعة كيب تاون الجنوب إفريقية، بينما كانت المفاجأة الكبرى إدراجها ضمن قائمة أفضل 360 جامعة في العالم — وهو إنجاز غير مسبوق لجامعة مغربية.
ما يمنح هذا التتويج أبعاداً أعمق ليس فقط القفزة الرقمية في التصنيفات، بل نوعية المعايير التي بُني عليها هذا الاعتراف: جودة التعليم، أثر البحوث، والانفتاح الدولي، وكلها مؤشرات دقيقة تُستخلص من بيانات "تومسون رويترز"، المؤسسة العالمية التي لا تتهاون في مقاييسها. في هذا السياق، برزت الجامعة الأورومتوسطية بفاس كحالة أكاديمية استثنائية، قادرة على مجاراة جامعات من طينة “هارفارد” و”أوكسفورد” و”ستانفورد”، لا في الطموح فقط، بل في الأثر والمعيار.
وراء هذا التألق يقف مشروع أكاديمي محكم يقوده رئيس الجامعة المتألق البروفيسور مصطفى بوسمينة وفريقه من النواب من ذوي الرصيد الأكاديمي المتين والعمداء المتميزين والأساتذة الخبراء كل في مجاله والموظفين المجدين، ممن آمنوا أن التميز لا يُستورد بل يُبنى من الداخل، بعقلانية، وبانخراط جماعي، وبإيمان راسخ بقدرات الجامعة المغربية. لقد أعادت UEMF الاعتبار لفكرة الجامعة كمؤسسة عمومية للنهوض، لا فقط بمنظومة التعليم، بل بالمجتمع ككل.
في قلب هذا الإنجاز، يتجلّى دور الطلبة الذين جعلوا من الاجتهاد أسلوباً ومن الانضباط مساراً. تكوينهم لا يقتصر على استيعاب المعارف بل يتجاوز ذلك إلى بناء شخصيات قيادية، متعددة الأبعاد، منفتحة على العالم. وهو ما تؤكده شراكات الجامعة مع مؤسسات دولية رفيعة، ونجاحها في استقطاب طلبة من عشرات الدول، ما يضفي بعداً أورومتوسطياً حقيقياً على هويتها.
البنية التحتية المتطورة تشكّل بدورها عنصراً حاسماً في هذا التفوق. من مختبرات عالية التقنية إلى فضاءات تعليمية ذكية، ومن منظومات رقمية متقدمة إلى بيئة جامعية تحفّز الإبداع، تبدو الجامعة اليوم أقرب إلى حاضنة فكر ومعرفة منها إلى مؤسسة تعليم تقليدي.
ثمّة أيضاً عنصر لا يقل أهمية: البحث العلمي. فقد تمكن أربعة من أساتذتها من دخول قائمة جامعة ستانفورد التي تضم الـ2% من الباحثين الأكثر تأثيراً في العالم. هذه القفزة النوعية في جودة الأبحاث ليست معزولة، بل تأتي في سياق استراتيجية ممنهجة، تشجع النشر في المجلات الرصينة، والانخراط في مشاريع بحثية عابرة للحدود، وتمويل الابتكار.
الجامعة الأورومتوسطية لم تُتوَّج في تصنيف RUR فقط، بل راكمت سلسلة من الإنجازات النوعية خلال السنوات الأخيرة: من نيلها لقب “الجامعة الخضراء الأولى بالمغرب” حسب تصنيف UI GreenMetric، إلى تصدرها مؤشرات الأداء الجامعي حسب U-Multirank، واعتراف Times Higher Education بدورها في تحقيق أهداف التنمية المستدامة. حتى على مستوى التأثير المجتمعي والابتكار التربوي، توّجت بجوائز Zairi International Awards، ما يؤكد أنها تمضي وفق رؤية متكاملة لا تُختزل في ترتيب أو شهادة.
إن ما أنجزته الجامعة الأورومتوسطية بفاس لا يمثل لحظة فخر عابرة، بل يشكل منعطفاً تاريخياً في مسار التعليم العالي المغربي، ودليلاً ملموساً على أن النجاعة ممكنة، والريادة ليست حِكراً. هي جامعة تؤمن أن الجودة ليست ترفاً، بل شرط بقاء في عالم تُقاس فيه القيمة بمدى الأثر، والجدارة تُبنى بالإصرار.
من هنا، فإن إشعاع الجامعة هو إشعاع لمؤسسة اختارت طريق الامتياز، وأرادت أن تضع المغرب حيث يستحق أن يكون: في قلب خرائط التميز العالمي.